مرج دابق.. معركة حربية وقعت بين الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول والدولة المملوكية بقيادة السلطان قانصوه الغوري في يوم 25 من رجب 922هـ الموافق 24 من أغسطس 1516م في مكان يسمى دابق, وهو اسم لقرية تقع بالقرب من مدينة حلب في شمال سوريا بالقرب من الحدود التركية.
وكان السلطان سليم الأول اتجه لتوحيد الأمصار الإسلامية لتكون تابعة للدولة العثمانية، وخاصة بعد أن تنامى الوجود الصليبي في المنطقة وسقوط الأندلس التي لم تحاول الدول الإسلامية الموجودة في ذلك الوقت إنقاذها، وأيضًا ظهور البرتغاليين الذين احتلوا بعض القواعد في اليمن وعمان بعد اكتشافهم لطريق رأس الرجاء الصالح، وعملوا على أن تكون هذه القواعد لمواصلة زحفهم إلى المدينة النبوية؛ حتى ينبشوا قبر رسول الله r ويساوموا المسلمين على القدس الشريف بالجثمان الطاهر. وكذلك ظهور الدولة الصفوية الشيعية ومحاولتها مهاجمة الدولة العثمانية من ناحية الشرق، وقيامهم بعقد حلف مع البرتغاليين أعداء الإسلام على المسلمين السُّنَّة عمومًا وعلى العثمانيين خصوصًا.
وأيضًا بسبب الضعف الشديد الذي أصاب دولة المماليك في مصر والشام بحيث أصبحت غير قادرة على صد هجمات البرتغاليين من الجنوب، وهجمات الأسبان من ناحية الغرب.
كما كان السلطان سليم شديد الغضب على السلطان الغوري ودولته في مصر؛ بسبب مساعدتها للصفويين أثناء قتالهم مع العثمانيين، وأيضًا لتخاذل المماليك في التصدي لتهديدات البرتغاليين للأمة الإسلامية، وأيضًا لوجود نزاعات بين العثمانيين والمماليك على إمارة ذي القادر في شمال سوريا على الحدود الفاصلة بين الدولتين.
وحاول السلطان قانصوه الغوري تهدئة الأمور بعدما أحس بعزم سليم الأول على مهاجمة دولته، فأرسل إليه سفيرًا ليمتص غضبه، ولكن سليم الأول طرد السفير وتوجه بجيوشه سريعًا إلى الشام، وعندما علم السلطان الغوري بذلك لم يجد مفرًّا من إعداد العدة لمواجهته، فأعد جيوشه وتوجه للقاء العثمانيين.
وقد نجح السلطان سليم الأول في استمالة ولاة بلاد الشام المماليك إلى جانبه ووعدهم ببقائهم في إماراتهم إذا ما تم له النصر على السلطان الغوري، ثم سار بجيشه لملاقاة المماليك عند "مرج دابق" بالقرب من حلب في (25 من رجب 922هـ/ 24 من أغسطس 1516م)، واحتدم القتال العنيف بينهما، وأبدى المماليك في بداية هذه المعركة ضروبًا من الشجاعة والبسالة, وقاموا بهجوم خاطف زلزل العثمانيين، وأنزل بهم خسائر فادحة..
ولكن سرعان ما دبَّ الخلاف بين فرق المماليك المحاربة، وانحاز بعضها إلى الجيش العثماني بقيادة الأمير المملوكي "خايربك"؛ فتسلل ولاة الشام بجيوشهم وانضموا للعثمانيين، فضعف أمر المماليك وهزموا هزيمة منكرة وتمزقت قواتهم، وسرت إشاعة في جيش المماليك أن الغوري سقط قتيلاً, فخارت عزائمهم ووهنت قواتهم، وفرّوا لا يلوون على شيء، ولم تفلح محاولات الغوري في تجميع جيشه بنداءاته وصيحته في جنوده بالثبات والصمود، وسقط عن فرسه جثة هامدة من هول الهزيمة، وتحقق للعثمانيين النصر الذي كان بداية لأنْ يستكمل سليم الأول فتوحاته في الشام, وأن يستولي على مدنه واحدة بعد أخرى، بعدها سلَّم معظمها له بالأمان دون قتال.
وبهذه المعركة أصبحت الشام في قبضة سليم الأول، أي ما يعادل نصف دولة المماليك، وأول سقوط هذه الدولة ذات الأمجاد السابقة, ثم واصل السلطان سليم زحفه إلى القاهرة، وتمكّن من دخولها بعد أن انتصر على المماليك في موقعة الريدانية، وبذلك قضت الدولة العثمانية على الدولة المملوكية في مصر والشام, وأصبحت مصر إحدى الولايات العثمانية.
بقلم: د. عثمان علي عطا
أهم المراجع:
- ابن إياس (محمد بن أحمد): بدائع الزهور في وقائع الدهور - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - الطبعة الثانية - 1402هـ/ 1982م.
- ابن طولون (شمس الدين محمد، المتوفي سنة 953هـ): مفاكهة الخلان في حوادث الزمان, تحقيق محمد مصطفى, المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر, القاهرة 1962م.
- عبد المنعم ماجد: التاريخ السياسي لدولة سلاطين المماليك - مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة - 1988م.
- إبراهيم علي طرخان: مصر في عصر دولة المماليك الجراكسة - مكتبة النهضة المصرية - القاهرة - 1960م.
- محمد سهيل طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام - دار النفائس - بيروت - 1418هـ/ 1997م.
- بسام العسلي: فن الحرب الإسلامي - المجلد الخامس دار الفكر العربي سوريا - بدون تاريخ.
- ماجد اللحام: معجم المعارك الحربية - دار الفكر المعاصر - بيروت - 1990م.
وكان السلطان سليم الأول اتجه لتوحيد الأمصار الإسلامية لتكون تابعة للدولة العثمانية، وخاصة بعد أن تنامى الوجود الصليبي في المنطقة وسقوط الأندلس التي لم تحاول الدول الإسلامية الموجودة في ذلك الوقت إنقاذها، وأيضًا ظهور البرتغاليين الذين احتلوا بعض القواعد في اليمن وعمان بعد اكتشافهم لطريق رأس الرجاء الصالح، وعملوا على أن تكون هذه القواعد لمواصلة زحفهم إلى المدينة النبوية؛ حتى ينبشوا قبر رسول الله r ويساوموا المسلمين على القدس الشريف بالجثمان الطاهر. وكذلك ظهور الدولة الصفوية الشيعية ومحاولتها مهاجمة الدولة العثمانية من ناحية الشرق، وقيامهم بعقد حلف مع البرتغاليين أعداء الإسلام على المسلمين السُّنَّة عمومًا وعلى العثمانيين خصوصًا.
وأيضًا بسبب الضعف الشديد الذي أصاب دولة المماليك في مصر والشام بحيث أصبحت غير قادرة على صد هجمات البرتغاليين من الجنوب، وهجمات الأسبان من ناحية الغرب.
كما كان السلطان سليم شديد الغضب على السلطان الغوري ودولته في مصر؛ بسبب مساعدتها للصفويين أثناء قتالهم مع العثمانيين، وأيضًا لتخاذل المماليك في التصدي لتهديدات البرتغاليين للأمة الإسلامية، وأيضًا لوجود نزاعات بين العثمانيين والمماليك على إمارة ذي القادر في شمال سوريا على الحدود الفاصلة بين الدولتين.
وحاول السلطان قانصوه الغوري تهدئة الأمور بعدما أحس بعزم سليم الأول على مهاجمة دولته، فأرسل إليه سفيرًا ليمتص غضبه، ولكن سليم الأول طرد السفير وتوجه بجيوشه سريعًا إلى الشام، وعندما علم السلطان الغوري بذلك لم يجد مفرًّا من إعداد العدة لمواجهته، فأعد جيوشه وتوجه للقاء العثمانيين.
وقد نجح السلطان سليم الأول في استمالة ولاة بلاد الشام المماليك إلى جانبه ووعدهم ببقائهم في إماراتهم إذا ما تم له النصر على السلطان الغوري، ثم سار بجيشه لملاقاة المماليك عند "مرج دابق" بالقرب من حلب في (25 من رجب 922هـ/ 24 من أغسطس 1516م)، واحتدم القتال العنيف بينهما، وأبدى المماليك في بداية هذه المعركة ضروبًا من الشجاعة والبسالة, وقاموا بهجوم خاطف زلزل العثمانيين، وأنزل بهم خسائر فادحة..
ولكن سرعان ما دبَّ الخلاف بين فرق المماليك المحاربة، وانحاز بعضها إلى الجيش العثماني بقيادة الأمير المملوكي "خايربك"؛ فتسلل ولاة الشام بجيوشهم وانضموا للعثمانيين، فضعف أمر المماليك وهزموا هزيمة منكرة وتمزقت قواتهم، وسرت إشاعة في جيش المماليك أن الغوري سقط قتيلاً, فخارت عزائمهم ووهنت قواتهم، وفرّوا لا يلوون على شيء، ولم تفلح محاولات الغوري في تجميع جيشه بنداءاته وصيحته في جنوده بالثبات والصمود، وسقط عن فرسه جثة هامدة من هول الهزيمة، وتحقق للعثمانيين النصر الذي كان بداية لأنْ يستكمل سليم الأول فتوحاته في الشام, وأن يستولي على مدنه واحدة بعد أخرى، بعدها سلَّم معظمها له بالأمان دون قتال.
وبهذه المعركة أصبحت الشام في قبضة سليم الأول، أي ما يعادل نصف دولة المماليك، وأول سقوط هذه الدولة ذات الأمجاد السابقة, ثم واصل السلطان سليم زحفه إلى القاهرة، وتمكّن من دخولها بعد أن انتصر على المماليك في موقعة الريدانية، وبذلك قضت الدولة العثمانية على الدولة المملوكية في مصر والشام, وأصبحت مصر إحدى الولايات العثمانية.
بقلم: د. عثمان علي عطا
أهم المراجع:
- ابن إياس (محمد بن أحمد): بدائع الزهور في وقائع الدهور - الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - الطبعة الثانية - 1402هـ/ 1982م.
- ابن طولون (شمس الدين محمد، المتوفي سنة 953هـ): مفاكهة الخلان في حوادث الزمان, تحقيق محمد مصطفى, المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر, القاهرة 1962م.
- عبد المنعم ماجد: التاريخ السياسي لدولة سلاطين المماليك - مكتبة الأنجلو المصرية - القاهرة - 1988م.
- إبراهيم علي طرخان: مصر في عصر دولة المماليك الجراكسة - مكتبة النهضة المصرية - القاهرة - 1960م.
- محمد سهيل طقوش: تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام - دار النفائس - بيروت - 1418هـ/ 1997م.
- بسام العسلي: فن الحرب الإسلامي - المجلد الخامس دار الفكر العربي سوريا - بدون تاريخ.
- ماجد اللحام: معجم المعارك الحربية - دار الفكر المعاصر - بيروت - 1990م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق